رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
حاجة ..أومال لما تروح بقى هتعمل أيه
ثم مد يده بالهاتف إلى بلال قائلا
يالا خد انت كمان التليفون وكلم والدتك وبلغها أنك خرجت
أبتسم بلال واستنشق الهواء النقى خارج جدران المعټقل حتى أمتلا صدره به ثم زفر بهدوء وقال
لا يا دكتور معلش ..أنا عاوز اعملهم مفاجأة
ضحك الدكتور حمدى وهو يقول
حرام عليك يلاقوك قدامهم كده فجأة
طول عمره بتاع مقالب يا دكتور.. هو كده من زمان
ضحك ثلاثتهم وهم يستقلون سيارة الدكتور حمدى فى طريقهم إلى منازلهم كان الدكتور حمدى يقود السيارة وهو ينظر إلى فارس الجالس بجواره نظرات خاطفة ورأسه يدور لا يعلم ماذا يفعل .. لابد أن يخبره بأمر زوجته التى قدمت ضده بلاغ وزجت به فى معتقلات الأهوال تلك ظلما ولكن هل يخبره الآن أم ماذا ... قطع فارس عليه تفكيره وقال متسائلا
ألتفت إليه الدكتور حمدى ثم أعاد النظر للطريق وقد حسم أمره ثم قال
فارس .. لازم تعرف الدنيا دى كلها فيها الكويس وفيها الۏحش فيها اللى بيعمل خير لوجه الله من غير سبب وفيها برضة اللى بيأذى الناس من غير سبب ولو الأذيه جاتلك من اقرب الناس ليك أوعى تزعل نفسك .. واعرف ان ربنا بيكشفلك اللى حواليك علشان متفضلش عايش موهوم ومخدوع فيهم ..
الكلام ده معناه ان حضرتك عرفت مين
أومأ الدكتور حمدى برأسه وهو يقول
أيوا عرفت ... بس كنت محتار اقولك دلوقتى ولا لما تروح بيتك وترتاح شويه من اللى شفته
مين يا دكتور قولى مين
أضطرب صوت الدكتور حمدى وهو يقول ببطء
مراتك دنيا
أتسعت عيني فارس هلعا ونظر إلى بلال الذى لم تكن الصدمة عليه أقل من فارس .. حدقا فى بعضهما البعض بينما هتف فارس
دنيا مراتى .. أزاى و ليه .. حضرتك متأكد يا دكتور متأكد انها مراتى اللى عملت فيا كده
هو ده اللى انا عرفته.. ولعلمك محدش هيقدر يجاوب على سؤالك .. إلا انت بس .. أنت بس اللى ممكن تقولنا ليه هى عملت كده
أعتدل فارس فى جلسته مصډوما واستند بظهره إلى مقعده وقد احتقن وجهه ڠضبا وحنقا وضړب باب السيارة بقبضته بقوة وهو يهتف
سؤال أيه اللى اجاوب عليه .. هو فى حاجة بين راجل ومراته مهما كانت تخاليها تعمل كده فيه .. ليه يا دنيا تعملى فيا كده ليه ده انا ..
ده انا سترتك ومرضتش اڤضحك .. ولكن فروسيته المعهودة أبت ذلك ... ربت بلال على كتفه من الخلف ثم قال
أستنى يا فارس لما تقابلها وتتكلم معاها بهدوء.. أحنا لسه مش عارفين حاجة.. أستنى لما تسمعلها الأول
ألتفت إليه فارس غاضبا وهو يقول
هتقولى أيه يا بلال ..هتقولى بلغت عنى وعن صحابى ليه .. ليه
ربت على كتفه مرة أخرى وهو يدعوه للهدوء مرة أخرى وأن ينتظر حتى يسمع منها حتى هدأ فارس بعض الشىء وصمت غضبه خارجيا ولكن قلبه كان مشټعلا .. كيف تفعل فيه ذلك بعد كل ما فعله من أجلها .
أقتربت سيارة الدكتور حمدى من منزل بلال الذى شعر بنشوة وانتشاء حينما لاح جانب المنزل من بعيد فقال سريعا
كفاية هنا يا دكتور معلش تعبناك معانا
أبتسم الدكتور حمدى بوقار وقال
ضاحكا
تعب أيه بس هو انا اللى اتعلقت ...
قال كلمته وضحك بينما اڼفجر بلال ضاحكا ثم قال
بعد اللى شوفته فى المعټقل ده بيتهيالى مفيش مصرى متعلقش
ضحكا الأثنان بينما كان فارس واجما شاردا فى عالمه الخاص .. ترجل بلال من السيارة وانحنى باتجاه فارس وضع يده على كتفه قائلا
الهدوء هو اللى هيعرفك السبب مش الڠضب.. أهدى وتوكل على الله
أومأ له فارس برأسه بينما شرع الدكتور حمدى فى الأنطلاق بالسيارة إلى حيث منزل فارس
صعد بلال درج منزله بهدوء ومر بجوار باب المركز الخاص به ونظر نظرة فى الخفاء متعجبا .. المركز خاوى ولكنه مفتوح وكأنه يعمل وكأنه لم يغلق يوما وفى هذه اللحظة شعر بمن يضع يده على كتفه من الخلف قائلا بخشونة
مين حضرتك
ألتفت إليه بلال وابتسم فى وجه الممرض المساعد له فى المركز والذى ما أن رآه حتى كاد أن يهتف متفاجأ باسمه لولا أن وضع بلال يده على فمه وكممه حتى هدأ ثم رفع يده عنه وهو يشير له بالصمت .. هتف المساعد بسعادة
رجعت من السفر أمتى وأيه المفاجأة الحلوة دى
أبتسم بلال وهو يجيبه بصوت خفيض
الله يسلمك ..ها أخبار المركز أيه
رفع المساعد كتفيه وهو يقول
حضرتك مشيت من غير ما تقولى.. وطبعا الناس ابتدت تضايق من سفرك المفاجىء.. قفلنا شوية بس زوجة حضرتك فتحته تانى ورجعنا كلمنا الناس وبلغناهم ان سبب سفرك كان ضرورى ومسألة حياة أو مۏت .. والناس تفهمت الوضع وبلغناهم اننا هنتصل بيهم تانى لما المركز يرجع يشتغل
ظهرت البشاشة على وجه بلال مقدرا لمجهود زوجته فى الحفاظ على سمعته كطبيب فلم تكن عبير تطمح فى أن ينتظره المرضى فالمړض لا يمكن الصبر عليه ولكن كل طموحها كان فى الحفاظ على سمعته كطبيب حتى لا تتأثر بهذا الاختفاء المفاجىء وانتقطاعه عن متابعة المرضى ... ألتفت إلى مساعده وقال متسائلا
وانت كنت فاتح ليه دلوقتى
قال المساعد
مش انا دى زوجة حضرتك .. وانا كنت نازل اشترى شوية حاجات كده للمركز
رفع بلال حاجبيه قائلا
يعنى هى جوه دلوقتى
أومأ المساعد برأسه ثم قال
قالتلى اجيب الحاجات دى.. ولما ارجع هى هتمشى على طول
أخذ بلال الأشياء من يد المساعد وقال
خلاص امشى انت .. النهاردة أجازة بمناسبة رجوعى
كانت عبير تجلس على مقعده خلف مكتبه وهى تقلب أوراقه وتحاول فهم ما بها برغم صعوبتها .. شعرت بمقبض الباب يفتح فعقدت جبينها وأنزلت النقاب على وجهها ونهضت واقفة بتوتر .. عقدت جبينها بقوة وهى لا تعلم أنها سترى أحب الوجوه إليها على الأطلاق .. فتح الباب ولكن أحدا لم يدخل ولكنها سمعت صوته يقول
خاېف ادخل فجأة تتخضى
صړخت عبير ووضعت يدها على فمها وجرت باتجاه الباب وفتحته بلهفة لتنظر إليه وإلى ابتسامتة التى زينة وجهه وابتلعت ريقها وهى تحدق به غير مصدقة أنه يقف أمامها .. لم تمضى عليها ثوان حتى دارت رأسها وسقطت مكانها ولكنها لم تفقد الوعى ... حملها بلال وأغلق الباب خلفه بقدمه وتوجه بها إلى مقعد الكشف الكبير ووضعها برفق ورفع النقاب عن وجهها وهو يقول بلوعة
عبير.. أنت كويسة
نظرت إليه بعيون دامعة وهى تقول بوهن
أنت بجد ولا حلم
أبتسم وهو يمسح على وجنتها ويمرر أنامله على وجهها وهو يقول هامسا
بجد يا حبيبتى ..أنا طلعت النهاردة وقلت أعملكم مفاجأة بس اظاهر انى غلط
وضعت يدها على وجهه تتحسسه باضطراب وهى مازالت غير مصدقة وتقول
يعنى انا مش بحلم