رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
أنا جاية معاكوا
أشار لها علاء بالصعود قائلا
تروحى معاهم فين ..أتفضلى على فوق
تدخلت أم فارس قائلة له برجاء
معلش يابنى علشان خاطرى سيبها تيجى معانا دلوقتى وابقوا أتكلموا بعدين ..
هبطت مهرة درجة من السلم فتقدم نحوها يحذرها قائلا
بتكسرى كلامى يا مهرة ..أنا اقولك اطلعى وانت تنزلى معاهم عادى كده
نظرت له بتحدى فنظر لها نظرة ڼارية وقال
تدخلت أم فارس وقالت لها
خلاص يابنتى اطلعى مفيش داعى للمشاكل
هزت مهرة رأسها پعنف ونظرت له بتحدى أكبر وهبطت درجات السلم بثقة وهى تقول لأم فارس
يالا بينا يا ماما هنتأخر
مرت بجواره وهو مصډوم من رد فعلها كان متوقع أن تهديده سيأتى ثماره معها وسترجع معه رغما عنها شعر بالڠضب الشديد واستدار إليها وهى تهبط درجات السلم أمام نظرات عمرو وأم فارس المصډومة فناداها پغضب شديد ..ألتفتت إليه ببرود فقال بجمود
أبتسمت وكأنها لم تسمع شيئا نظرت لعمرو وأم فارس قائلة
يالا يا جماعة هنتأخر
تحركت السيارة نحو سجن طرة ... جلست مهرة فى السيارة فى الخلف بجوار أم فارس وأم بلال بينما كان عمرو فى المقدمة بجوار الدكتور حمدى الذى كان يجلس خلف عجلة القيادة وهو عاقد جبينه فى تركيز محاولا التفكير فى مخرج ما لتلميذه النجيب الذى طالما اعتبر نفسه أباه وأستاذه وموجهه .
خلاص يا جماعة كلها ربع ساعة ونوصل
قال كلمته ونظر لعمرو الذى كان ينظر إلى الطريق قلقا لا يعرف لماذا راوده هذا الشعور كلما اقتربت المسافة كلما اضطربت نبضات قلبه وكأنه يقترب من المۏت كلما اقتربت المسافة كلما رأى وسمع ما حدث داخل السجون ورآه بعينيه وسمعه بأذنه ونجاه الله تعإلى منه بقدرته ... بينما فى الخلف أخرجت مهرة الصورة الصغيرة من حقيبتها وقلبتها على الوجه الآخر الأبيض وأخرجت قلمها وهى تنظر إلى أم بلال وأم فارس وهما منهمكتان فى الحديث ... أخذت نفسا عميقا وكتبت بخط صغير منمق يعرفه جيدا
أمضاء
الفارس الصغير
عانق كل منهما والدته فى لهفة وشوق كبيرين وقبلا رأسيهما وأيديهما بدموع العيون ..كانت كل منهما تنظر إلى ولدها غير مصدقة أن الله سبحانه وتعالى قد مد فى عمرها حتى رأت ولدها حى يرزق من جديد .. كان العناق بالقلب والعيون أكبر شوقا من عناق الأجساد .. جلسوا بجوار بعضهما البعض غير مصدقين هذه اللحظة التى جاءتهم منحة من الله عزوجل فى عز أزمتهم المظلمة بين جدران السجون ... صافح الدكتور حمدى بلال وهو ينظر إليه بإعجاب شديد بينما ربت على كتف فارس مشجعا وهو يقول بتاثر
أومأ فارس برأسه ممتنا وهو يقول
متشكر أوى يا دكتور على اللى عملته معانا
ربت حمدى على يديه وهو يشد عليها قائلا
هو انا لسه عملت حاجة يا راجل ...أجل الكلام ده لما تطلعوا ان شاء الله من هنا
عبير والولاد عاملين أيه يا ماما ... كويسين
عانقت يدها يده وهى تقول بإشفاق
كويسين يابنى وزى الفل متقلقش عليهم أبدا .. وبيسلموا عليك أوى.. وعبير بتقولك رسالتك وصلتها وانت كمان وحشتها أوى ومستنياك على ڼار
شرد قليلا وهو ينظر أمامه بوجوم قائلا
وحشونى أوى
ثم أعاد النظر إليها قائلا
كلكوا وحشتونى أوى يا أمى
لمعت الدموع فى عينيها وهى تقول
عبير كانت عاوزه تيجى معانا بس انا مرضتش أجيبها معايا علشان عارفة رأيك فى الحكاية دى كويس
قبل يدها وقال بحنان
كويس يا أمى انك عملتى كده.. أنا محبش مراتى وولادى يجوا مكان زى ده ولا حد من اللى هنا عينه تقع عليها
نظر الدكتور حمدى لفارس وقال باهتمام
فى حد حقق معاكوا يا فارس
هز فارس رأسه نفيا وهو يقول
لا يا دكتور مشوفتش أى محقق خالص من ساعة ما روحت أمن الدولة لحد دلوقتى ..
ثم مال عليه قليلا وقال
مفيش غير واحد صاحبى ربنا بعته لينا هناك وهو اللى جابنا هنا
نقل الدكتور حمدى بصره بين فارس ووالدته وقال موجها حديثه لفارس
هو انت فى عداوة بينك وبين حد معين يا فارس
أعتدل فارس وهو يفكر بتركيز شديد ثم قال
أنت عارف شغلنا يا دكتور ممكن يبقالك أعداء مش راضين عن طريقة شغلك لكن حتى لو فى عداوة معتقدش حد يفكر يبهدلنا بالشكل ده
نظر الدكتور حمدى لوالدته نظرة ذات معنى ثم قال
غريبة
حاولت أم فارس تغير مجرى الحديث قائلة
على فكرة.. عمرو ومهرة بره وبيسلموا عليكوا أوى
نظر بلال إلى أم فارس قائلا
أيه ده بجد وعمرو جاله قلب يرجع هنا تانى
نظر له فارس وابتسما سويا فى وقت واحد ولكن فارس تغيرت ملامحه وانتبه فجأة وهو يلتفت لوالدته متفاجأ وقال
وأيه اللى جاب مهرة هنا يا ماما .. إزاى تجيبيها معاكى يا ماما بس
تابع بلال الحديث باهتمام عندما قالت أم فارس
والله يابنى أنا وعمرو غلبنا فيها واتحايلنا عليها كتير تستنى فى البيت .. بس هى اللى كانت مصممة تيجى تشوفك وتطمن عليك.. حتى لما عرفت أنها مش هينفع تدخل علشان مش من قرايبك برضة صممت تيجى وقالت هستناكوا بره ..
ثم نظرت إليه نظرة ذات معنى وهى تقول
حتى علاء معرفش يمنعها
ألتفت بلال
إلى فارس الذى ظهر الضيق على وجهه وهو يقول
مكنش ينفع تيجى يا ماما ..كان لازم انت اللى تمنعيها مش الواد اللى اسمه بتاع ده
أبتسمت والدته وهى تقول قاصدة
اذا كانت مخافتش من تهديده بالطلاق وصممت تيجى معانا حتى لما طلقها ولا همها حاجة ونزلت وسابته واقف يرن
عقد فارس ما بين حاجبيه وهو ينظر فى عينيها التى كانت تحمل معانى كثييرة وقال ببطء
طلقها .... !!
نظرت إلى عينيه وهى تقول
ايوا طلقها
ثم قالت مؤكدة
كل ده علشان تجيلك
ألقى بلال نظرة سريعة على فارس ثم أعاد رأسه إلى والدته وأكمل حديثه الخاص معها تاركا فارس فى حيرته ...أمسكت والدته يده بشكل تلقائى حتى لا يلاحظ أحد ووضعت الصورة المطوية فى راحت يده ثم همست له وهو ينظر ليده بدهشة
وباعتالك الصورة دى
قبض فارس على الصورة المطوية داخل قبضته ثم تابع حديثه مع الدكتور حمدى بشكل طبيعى ولكن عقله كان يعمل فى أتجاه آخر ...
أنتهت الزيارة وتفرق الأحرار فمنهم من خرج لعالمه ومنهم من عاد لجدران سجنه الكئيبة ... جلس فارس على فراشه وأخرج الصورة من راحته وفتح طياتها بهدوء ...نظر إلى الصورة وابتسم ..كانت ملامحهما المشاكسة فى الصورة كفيلة بجلاء صدره من أى هم وحزن يعتمل به... طفلة وصبى يتشاكسان بطريقتهما الخاصة ... أتسعت ابتسامته وهو يتأمل فى الصورة ..جلس بلال بجواره وهو ينظر لابتسامته الواسعة التى احتلت شفتيه ثم مال عليه وقال بخفوت
مش هتقرى الرسالة اللى ورا الصورة