الأحد 29 ديسمبر 2024

رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 67 من 99 صفحات

موقع أيام نيوز


صباح الخير يا حبيبى الأول
قالت بصوت مرتجف 
أرجوك يا علاء مش وقته انا محتجالك 
أنتبه وهو يجلس على فراشه وقال 
خير يا مهرة عاوزه أيه.. محتاجه فلوس ولا حاجة 
قالت بصوت باكى 
فارس جارنا ..أمن الدولة خدوه ومش عارفين نلاقيه.. بيقولوا معتقل بس فين مش عارفين .. وانت أكيد ليك اصحاب كتير معروفين ورجال أعمال ممكن يعرفولنا طريقه 

هتف بها حانقا 
مش فارس ده اللى ضربنى 
بكت بشدة وأخذت تشهق وترجوه بمرارة أن يصفح عنه ولكنه قال بتشفى 
أحسن خإليه يتبهدل ولا ېقتلوه ويرحونا منه ..ربنا خادلى حقى 
شهقت بشدة وأخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تبكى وتقول 
أرجوك يا علاء علشان خاطر ربنا .. أعمل كده لوجه الله طيب ..طيب علشان خاطر امه المسكينة
صاح بها وهو ينهى المكالمة 
بقولك أيه يا مهرة بلا امه بلا ابوه.. أنا راجل نجم عاوزه حد يعرف انى اعرف واحد معتقل ..عاوزه تضيعى مستقبلى ...
واغلق الهاتف بقوة وهو يزفر بقوة بينما سقط منها الهاتف وسقطت على الأرض من شدة البكاء ثم سجدت وهى تقول بنحيب 
يارب مالناش غيرك يارب نجيه .. ده عمره ما أذى حد يارب
طرق صلاح باب حجرة مكتب إلهام ودخل وقد بدا القلق على محياه فاعتدلت وقالت بسرعة 
ها يا صلاح وصلتوا لحاجة.. عرفتوا عمرو مبيجيش ليه 
أومأ برأسه وقد ارتسم الحزن على قسمات وجهه وقال 
أتقبض عليه من يومين ... خدوه الفجر من بيته 
هبت واقفة وقالت بفزع 
مين دول اللى خدوه وليه 
رفع كتفيه باسى وقال بحيرة 
مش عارف يا بشمهندسة بس طريقة القبض عليه دى بتقول انهم مش مباحث عادية شكلهم كده أمن دولة 
هوت إلى مقعدها وارتجف قلبها بين أضلعها واتسعت عيناها وهى تفكر وفجاة تناولت سماعة الهاتف وضغطت عدة أرقام ثم قالت بسرعة لمديرة المكتب 
وصلينى بالباشا حالا.
عالم السجون ... إنه عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس .. لم يعد السچن هو مصير المجرمين والسفاحين فقط بل أصبح السچن مصير المتدينين وأصحاب الرأى أيضا وكل حر يأبى أن يضع رأسه فى التراب ويدفنها بين حبات الرمل. 
دفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريرا مزعجا أيقظ على أثره النيام داخل العنبر ...وقف ثلاثتهم ينظرون إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
بسؤال واحد فقط ..وماذا بعد ... وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء فى أحد الاركان على أرض العنبر فاقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سجى هكذا وقبل أن يلمسه هتف أحد الرجال الآخرين من زملاء العنبر 
سيبوا ده مېت 
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات ..أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده ..شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول 
إنا لله وإنا إليه راجعون 
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين 
أنتوا جايين فى ايه.. مفيش مظاهرات الأيام دى..
قال الرجل الاخر 
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده.. لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال 
حفلة استقبال أيه
قال الرجل 
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك .. وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب .. بعدها بقى يوزعوهم على العنابر .. دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل ..شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج .. فى خارج ذلك العالم .. عالم السجون والمعتقلات .. أخذهم زملاء العنبر إلى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير عليه بطانية خشنة ..
جلس عمرو على طرف فراشه مشدوها لما رأى فى تلك الأيام أولا فى أمن الدولة وثانيا هنا فى السچن .. وقال پغضب وعصبية موجها كلامه لفارس 
وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه 
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا
لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب 
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا 
ايه عنبر التأديب ده كمان
أبتسم الرجل وقال 
اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول .. النظام هنا ... السچن متقسم كذا عنبر ..عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى ..
وعنبر الجنائى ودول بقى تجار المخډرات وقتالين القټله وغيرهم وعنبر التخابر وده بقى مخصص للجواسيس وده بقى أنضف عنبر هو وعنبر القضاة وافراد الشرطة اللى بيجى هنا متهم فى قضية رشوة ولا فساد والمعاملة فيهم معاملة خمس نجوم .. 
وهنا بقى العنبر السياسى وده كل اللى بيقول رايه فى البلد دى ومعظمه مشايخ زى ما أنت شايف ..أبتسم بلال وهو يومىء برأسه 
وقال 
ونسيت عنبر الاخوان 
ضحك الرجل بصوت خفيض وقال ل بلال 
اظاهر انك جيت هنا قبل كده يا شيخ
قال بلال بجمود 
جيت مرة واحدة بس عرفت كتير
كتم عمرو غضبه وقال 
برضه محدش جاوبنى هنفضل كتير ومن غير ما نعرف تهمتنا ايه 
ربت الرجل على كتفه قائلا 
طالما محدش حقق معاكوا يبقى مفيش تهمة وبما أنكوا جايين دلوقتى يبقى انتوا مش معتقلين رسمي
قال فارس بإقتضاب 
يعنى أيه مش رسمي
تكفل بلال بالرد عليه قائلا 
يعنى زي ما صاحبك قالك .. متوصى علينا 
أقترب عمرو من فراش بلال وجلس على طرفه قائلا 
مين اللى هيوصى علينا يتعمل فينا كده مين 
قال بلال وهو ينظر أمامه بشرود 
مش عارف يا عمرو بس الموضوع ده شكله هيطول ولازم نحاول نهدى علشان نعرف نفكر..
قال كلمته الأخيرة ثم نهض قائلا
تعالوا نصلى على الأخ اللى ماټ ده 
قال الرجل الذى يحدثهم 
هيجوا يخدوا جثته الفجر مع انهم عارفين ان فى واحد مېت هنا من بعد العشاء
ميرسى يا فندم ..
نطقت دنيا بهذه العبارة وهى تتناول الشيك من والد هانى المتهم فى قضية القټل
وبرقت عينيها وهى تنظر للمبلغ المدون فيه وقالت بابتسامة 
حضرتك أطمن خالص أبنك هيبقى فى حضنك قريب جدا
قال الرجل بلهفة 
يارب يا أستاذة ربنا يسمع منك ...
ثم قال بتساؤل 
هو الدكتور فارس مجاش النهاردة ولا ايه 
قالت بتمساك
الدكتور فارس مش بيجى كل يوم.. ولما بيكون مش موجود انا ببقى مكانة
أومأ الرجل برأسه متفهما وقال 
المهم عندى أنه هو اللى يشتغل القضية بنفسه 
رفعت حاجبيها بدهشة مصطنعة وهى تقول 
طبعا يا فندم القضايا اللى زى دى الدكتور فارس هو اللى بيكتب فيها المذكرات وهو اللى بيترافع ..واحنا بس بنعمل الشغل الارى والمالى بتاعها علشان كده طلبت من حضرتك تكتب الشيك بأسمى يعنى حضرتك هتشوفوا فى المحكمة ان شاء الله ..
بعد قليل أنصرف الرجل ودخل خلفه وائل مسرعا وقال بعينين لامعتين 
أداكى الشيك
ابتسمت بثقة وهى ترفع الشيك أمام عينيه ثم وضعته فى حقيبتها قائلة بقلق 
أهى الفلوس بقت معانا والراجل جاب الاتعاب كلها مش نصها زى ما كنا فاكرين عاوز ابنه بأى طريقة ..يارب
 

66  67  68 

انت في الصفحة 67 من 99 صفحات