الأحد 29 ديسمبر 2024

رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 65 من 99 صفحات

موقع أيام نيوز


يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية 
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا ..المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه..فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول 
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة ولما الحكم يتغير شوفى بقى ساعتها أسمك هيلمع ازاى ..

لمعت الفكرة فى رأسها فلقد عرف باسم كيف يقضى على النبضة الأخيرة من نبضات ضميرها .. تخيلت حكم البراءة وكيف سيلع أسمها بعد ذلك فى سماء المحاماة لتتهافت عليها القضايا كما حدث مع فارس ويقصدها الناس ولكنها لن تفعل مثله لن تعيش بمثاليته التى دمرته وستدمره سيكون الحكم الوحيد فى قبول أى قضية هو الأتعاب فقط ليس إلا ..
وستخطو فى نفس طريق باسم فى حل القضايا الشائكة ... وضعت الهاتف بجانبها وقد نسيت تماما أمر فارس ولم تعد تذكر إلا مستقبلها فقط ..والذى ستجنيه من خلفه
حل المساء على النساء وحالهن هو البكاء .. لا يزلن مجتمعين فى بيت أم فارس ما بين متضرعة وباكية ومڼهارة ..مصابهن واحد يتلمسن أى خبر ولو غير مؤكد أى شىء يطمئنهن على الأزواج والأحبة ورفقاء الدرب ولكن لاشىء ..كأنهم اختفوا وذهبوا جميعا ..خلف قرص الشمس ..ولم يعثروا على أجابة شافية من أى جهة ..الأجابة الوحيدة التى وجدوها كانت عن طريق دنيا بعد أن أبلغتهم بها فى الهاتف وقالت 
عرفت أنهم فى المعټقل.. بس لسه مش قادرة أحدد مكانهم بالظبط ولا حتى قدرت أعرف تهمتهم أيه ..
ثم أردفت وكأن أمرهم لا يعنيها 
انا هفضل بقى فى بيت ماما لحد ما نعرف طريقهم هناك بتحرك أسرع ..سلام
وقبل منتصف الليل بقليل نهضت أم عبير وهى تمسك بيد أم بلال قائلة 
يالا يا حجة أحنا هنروح تعالى معانا 
قالت أم بلال وقد بلغ منها التعب والحزن مبلغهم 
مينفعش يا أم عبير أنا هروح البيت
قالت أم عبير بتصميم
لاء هتروحى لوحدك فى الپهدلة اللى حصلت دى أزاى.. طب على الاقل باتى معانا النهاردة
تدخلت عبير وقالت لوالدتها 
معلش يا ماما انا كمان هروح بيتى ..
ثم نظرت أمامها فى شرود وهى تقول 
بيت بلال ميتقفلش أبدا مهما حصل 
ذهب الجميع وتركوا أم فارس وحدها على وعد اللقاء فى اليوم التالى لبداية رحلة بحث جديدة ...ذهب الجميع وبقيت مهرة بجوارها بعد أن قالت أم فارس لوالدتها وهى تتشبث بها فى حضنها 
سيبيها معايا النهاردة يا أم يحيى
أغلق باب الشقة عليهما وحدهما ..ظلت مهرة بحضنها تتلمس فيها رائحته بينما ظلت أمه متشبثة بها تتلمس فيها قلبه ...رفعت مهرة رأسها قائلة 
يالا يا طنط قومى ارتاحى فى اوضتك شوية ..أنت تعبانة أوى 
نهضت أم فارس بمساعدتها ولكنها قالت 
لا انا عاوزه انام فى أوضة ابنى
ثم عادت للبكاء مرة أخرى وهى تقول 
وحشنى أوى يا قلب امه
أنهمرت الدموع من عينيى مهرة وهى تحاول تهدئتها وتقول بصوت متقطع
أنت كده هتتعبى بزيادة وكمان مخدتيش الدوا النهاردة ..
أخذتها مهرة إلى غرفته .. كانت مبعثرة أشيائها
وأثاثها نتيجة الاقټحام الغاشم المباغت ..
عدلت مهرة من وضع الفراش وساعدتها على الأستلقاء فوقه وجلست بجوارها وهى لا تعلم هل تداوى چرح أمه أم تداوى جرحها الغائر .. تناولت والدته الدواء من يدها وأغمضت عينيها بعد أن شعرت أن سقف الغرفة يدور حول نفسه وراحت فى سبات عميق ..
ظلت مهرة تنظر حولها تتلمس أشياءه المبعثرة فى تأثر ودموع صامته حتى غابت عن الوعى وهى تجلس على مقعده خلف مكتبه الصغير ..أبت أن تنام على فراشه التى تقاسمه فيه امرأة أخرى خاڤت أن ټشتم رائحتهما معا ممزوجة فى بعضهما البعض ..كانت تعلم أنه لايسمح لأحد غيرها بأن يعبث بمكتبه لذلك فضلت أن تنام خلفه وهى متأكدة أنه لم يلمسه بعده سواها.
لا يستطيع أن يتكلم أحد عن الظلم إلا من ذاق مرارته ولا يقدر أحدا على وصف الظلام الا من عاش فيه ...كانت غرفة أقل ما يقال عنها نتنة الرائحة تفوح منها رائحة الڼجاسة لا يوجد ولا حتى نافذة صغيرة لا يوجد إلا بصيص نور صغير يأتى من أسفل عقب الباب الحديدى لا يصدر عنها سوى صدى صوت الأنين الهامس والتأوهات الخاڤتة التى تخشى من الظهور رغم عظم اللآلم... والصمت هو سيد الموقف ... لا يقطعه سوى تمتمت بلال لبعض آيات القرآن ... همس عمرو فى أذن فارس قائلا
أحنا هنا من امبارح ومحدش قالنا تهمتنا أيه ولا حد عبرنا 
مال فارس على أذنه وقال همسا 
شكلنا كده مش جايين هنا رسمى وإلا كانوا حققوا معانا 
شق الصمت صرير المزلاج الحديدى وهو يدور ليفتح من الخارج ويرمى على الأرض شخصا آخر لا يعرفونه.. شهق الجميع وانتفضوا عندما دققوا النظر بهان الرجل يأن أنات متواصلة دون أنقطاع وهو مازال مكانه لم يتحرك ..تردد بلال قليلا ثم اقترب ببطء وهو يتفحص وجهه فوجده متورما تماما حتى أنه لا يستطيع لأحد أن يتعرف على ملامحه أو يميزه ...حاول بلال المساعدة ولكن الرجل انتفض للمسته لذراعه ثم زحف إلى ركن من أركان الزنزانة بعيدا عنهم وظل يبكى 
ويأن حتى انقطع صوته تماما فظنوه قد نام من التعب من شدة الټعذيب ... أنتفض عمرو وقد أدرك أنها النهاية ..حاول بلال أن يسرى عنهم وقال 
متخافش كده يا عمرو أحنا مش متهمين فى حاجة 
نظر إليه فارس
وقال بحدة 
يعنى المسكين ده كان متهم فى ايه يعنى يا بلال هى وصلت للدرجة دى
شق الصمت الغرفة صوت آخر ولكنه آتى من الخارج ... صوت صياح رهيب وأصوات تصرخ وتستغيث شق سمعهم وانتفض له قلوبهم وخصيصا أنهم استطاعوا تميز أصوات نساء تصرخ صرخات غير منقطعة وتستغيث ... هب عمرو واقفا بحركة لا أرادية 
وهو يقول 
ده صوت ستات ..أنتفض قلب كل واحدا منهم وقد حل فى عقولهم صور زوجاتهم ..
كان هذا هو العڈاب الحقيقى كل رجل منهم يتصور أن زوجته من بين النساء التى تصرخ فى الخارج وهو مكبل لا يستطيع الفكاك للڈب عنها لا يستطيع أن يحمى شرفها من الانتهاك .. أنتفضت قلوبهم مرة أخرى عندما دار المزلاج ثانية ودفع داخل الحجرة رجلين آخرين سقطا على الأرض فور دخولهما من شدة العڈاب ... حاولوا مساعدتهما على الجلوس وتفقد جراحاتهما وكل رجل منهم يبكى من شدة الټعذيب كالنساء ..الا رجل واحدا كان صامدا رغم انه كان أشدهم عذابا ولم يكن لسانه يفتر عن قول لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين ... هدأت الاصوات فى الخارج ولم يعودوا يسمعون شيئا فهدأت نفوسهم قليلا ..
نظر أحد الرجلين إلى الرجل المعرى فى ركن الزنزانة وبكى وكأنه قد شهد عڈابه ثم نظر ثلاثتهم إلى الرجلين وقال لهما فارس 
أنتوا تهمتكوا أيه 
قال رجل الأول بخفوت 
أنا مش من القاهرة أنا من سينا.. عندى محل تصليح غسالات من يومين لقيتهم هجموا عليا وقلبوا المحل وغمونى
 

64  65  66 

انت في الصفحة 65 من 99 صفحات