رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
بالسؤال شعر بالإرتباك وصمت قليلا وهو ينظر إليها فقالت
ايه مش لاقى إجابه ولا محرج تجاوب
رفع حاجبيه بدهشة وقال يعنى ايه محرج أجاوب
أرتسمت على جانبى شفتيها ابتسامة سخريه صغيرة وهى تقول
يعنى محرج تقولى أنك زيك زى شباب كتير عاوز يتجوز وخلاص ومش فارق معاك انا بالذات يعنى علشان كده محرج تجاوب صح
زال الارتباك الذى كان قد شعر به كليا وشبك اصابع كفيه امامه وهو يتكأ الى ركبتيه وقال بثقه
فقالت بسرعه
أومال سكت ليه مكنتش محضر إجابه
هز راسه نفيا وقال بثقة أكبر
لاء مش علشان مكنتش محضر إجابه علشان خاېف اجابتى تسببلك أحراج
رفعت كتفيها وأخفضتهما سريعا وهى تنظر إليه قائلة
لا عادى مفيش إحراج ولا حاجه
نظر فى عينيها بعمق وقال بهدوء
علشان بحبك
أحمرت وجنتيها تلقائيا وخفضت عينيها فتابع حديثه
بالتقريب كده من ساعة ما مشاعرى ابتدت تتحرك أساسا وأعرف الحب
كانت تستمع اليه فى توتر وحياء وتكاد تقطع شفتاها من كثرة الضغط عليها بدون وعى
فقال وهو مازال ينظر إليها ويتابعها حركاتها وسكناتها
عرفتى بقى مكنتش عاوز اجاوب ليه
كانت تعرف ان عمرو جرىء ومندفع ولكن لم تكن تعلم انه من الممكن ان يقول ما قال بهذا الشكل المفاجىء والصريح لابعد الحدود بل وكأنه كان يود أن تسأله هذا السؤال ليفصح عن مكنون قلبه ومشاعره تجاهها
ودخلت فى سرعه فى أتجاه غرفتها وهى ترى ما حولها باللون الاصفر أو هكذا يبدو
استقبلتها عبير وهى تنظر لوجهها بدهشه قائلة جيتى بسرعه كده ليه هو أنتى لحقتى تتكلمى معاه
وضعت عزة كفيها على وجنتيها تتحسس حرارتهما وهى تقول باستنكار
لو كنتى سمعتى كلمه واحده من اللى قالهالى كان زمانك قمتى من بدرى
قالك ايه
نظرت لها عزة بخجل وقالت بخفوت
سألته سؤال واحد بس وياريتنى مكنتش سألت أحرجنى اوى يا عبير ووقالىقالى بحبك من زمان
ضحكت عبير ثم وضعت كفها فوق فمها لتكتم ضحكتها وقالت
مش بقولك رخم
نظرت لها عزة بعتاب وقالت
فرحانه فيا يا عبير ماشى
عبير أبدا والله بس مستبشره خير ها رأيك ايه بقى
مش عارفه يا عبير محتاره اوى ومش عارفه اقرر لسه
عبير طب بقولك ايه أنتى تستخيرى الاول وبعدين تقررى وان شاء الله خير
غادر عمرو واسرته منزلهم وجلست والدة عزة وزوجها فى غرفتهم وهى تقول
ها يا ابو عبير رأيك ايه
قال بتاكيد مانتى عارفه انى معنديش مانع يا ام عبير المهم رأى عزة كلميها وشوفى نرد عليهم نقولهم ايه
قالت بلهفه
لا كلمها أنت هى بتسمع كلامك
هز راسه نفيا وقال
لاء انا هتكسف مني انتى امهاكلميها واعرفى منها بالظبط رأيها ايه ولو عاوزه وقت تفكر براحتها خالص الولد اصلا لسه قدامه شويه
دخلت والدة عزة غرفة بناتها وجلست بجوارهم لتعرف رأى ابنتها ولكنها وجدتها مرتبكه ولم تحدد رأيها بعد
ومازالت متردده فقالت لها عبير
خلاص يا ماما أحنا اتفقنا أنها تستخير الاول وبعدين نشوف
نظرت عزة الى والدتها وقالت برجاء
ماما انا عارفه انك انتى وبابا متحمسين لعمرو وبتحبوه بس من فضلكم متتغطوش عليا وسبونى افكر على مهلى
قالت والدتها بدهشه
ومين قالك انى جايه اضغط عليكىانا جايه اعرف رأيك بس مش أكتر
عزة يعنى بابا مش هيضغط عليا علشان اقول رأى بسرعه
الام لاء بالعكس ده هو اللى قالى أسيبك تفكرى براحتك وقالى انه مش مستعجل علشان عمرو لسه قدامه شويه على ما يجهز
نظرت لها عزة باستنكار وقالت بحنق
اومال لما هو مش مستعد دلوقتى مستعجل ليه وكان عمال يزن على بابا كل شويه
استندت والدتها الى ظهر السرير ورفعت حاجبيها وهى تقول مداعبه
أصله خاېف حد تانى ياخدك منه
ضحكت عبير من اسلوب والدتها وطريقة القائها للعباره وشعرت عزة بالډماء تتصاعد لوجنتيها مرة اخرى
تبا لهذا العمرو الذى يدفع الډماء إلى راسها بين الحين والاخر بكلماته سواء ألقاها هو ام ارسلها لها عن طريق غير مباشر
أنطفأت الانوار وخلد كل الى فراشه وقد سكنت العيون ولكنها لم تستطع النوم جافاها النوم
وعصتها عيناها فلم تستجب لها ظلت مفتوحة طوال الليل عبير
ولكن من هو الذى سيستنشق عبيرها المقيد بداخلها ومتى سيخرج للنور
مابكى يا عبير لماذا تعانين ما هذه المرارة التى تشعرين بها
لعلها مرارة الوحدة نعم هى ذاكالوحدة التى تشعر بها رغم كل البشر حولها والاهل والجيرة الطيبه ولكنهى امرأة أنثى رغم كل شىء بداخلها طاقة حب لا تعرف كيف توجهها والى من تمنحها
هى أنثى أتمت الثلاثون من عمرها ومازال فراشها باردا خالى بل ومتجمد
ولو أن أختها لم تشاركها نفس الغرفه لشعرت انها ملقاة بالصحراء تكاد وحوش وحدتها تلتهمها وهى فريسة وحيدة بلا مأوى فأين هو المأوى وأين هو المستقر الدافىء نعم ملتزمه ومنتقبه ولكنها ليست متبلدة المشاعر متجمدة الحس ليست جماد ولكن ايضا ترفض أن تكون ريشة بمهب الريح لتحركها الشهوات كيف تشاء
فتذهب مترنحه وتعود خاوية فتتلمس ركعتين فى جوف الليل تناجى ربها يتبع
وقف عمرو أمام هذا المبنى الكبير الكائن فى أحد الأحياء الراقيه فى قلب القاهرة وتنقلت عيناه بين الافتات الكثيرة فى ذلك المبنى الضخم ما بين لافتات عيادات أطباء كبار وبين شركات متنوعه أستيراد وتصدير ومقاولات وشركات هندسيه .. وهنا توقف نظره على أحدى الافتات الكبيرة والتى من الواضح أنها تحتل أكثر من ثلاثة طوابق فى المبنى الكبير ... مشى ببطء داخل ردهة شركة الهندسه الخارجيه يتأمل الفخامه والديكور المميز الذى يدل على ذوق رفيع وبذخ فى الانفاق..
ظل يجول ببصره حتى سمع صوت أنثوى يقول بلباقة
أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأ وقال هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله
البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه
أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه ..خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله
أهلا وسهلا يا بشمهندس ..اتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة
أنا البشمهندسه الهام مديرة الشركة ومرات البشمهندس علاء صاحب الشركه
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالسا..كانت امرأة فى أواخر العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المتكلفة التى هى سلاحھا الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت