رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
غريبه
شعر بالفضول والټفت اليها مرة اخرى قائلا
هو ايه اللى غريب
ابتسمت وقد لفتت انتباهه مرة أخرى وقالت
قصى يعنى غريبه انكوا اصحاب وجيران وانت تدخل هندسه وهو يدخل حقوق
أبتسم قائلا
اه بس مفيهاش حاجه غريبه يعنى كل واحد ليه اهتمامات غير التانى عادى
قالت بتلقائيه
معاك حق ماهو انا ودنيا اصحاب ورغم كده هى دخلت حقوق وانا دخلت أداب
ابتسم بمجامله ولم يرد وكان قد استشعر سخافة الحوار فوجدها تقول متسائله
أومال مجبتش خطيبتك معاك ليه
ابتسم ساخرا فى نفسه فالعبارة مباشرة جدا بعكس ما كنت تتصور هى وقال
لا انا مش خاطب
ثم أستدرك قائلا
انا لسه بدرس وبعد التخرج لسه هشتغل واكون نفسى ومبفكرش فى الحكايه دى دلوقتى لسه قدامى كتير اوى عليها
فى اليوم التالى حدث أول تنازل منه ووافق على طلب دنيا التى هاتفته وطلبت منه التنزه سويا قليلا رفض فى البدايه ولكنه لم يستطع مقاومة ألحاحها المتكرر وحزنها الذى ظهر فى كلماتها وهى تتهمه بالتقصير تجاههاوعدم سعادته بارتباطهما أخيرا
متقدرش تتصور وحشتنى ازاى من امبارح للنهارده
أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات الشيخ بلال أنها مازالت غريبة عنه فالخطوبه ليست الا وعد بالزواج فقط لا يحل له شيئا منها حاول السيطره على مشاعره فهو يعلم ان هذا لا يجوز حاليا وقال
نظرت اليه بجرأه وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقه وهى تتلمس ذراعه بأطراف اصابعها
يعنى انا موحشتكش
أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده غلبه شيطانه وهواه وحظ نفسه من متعها وهو يستمع لكلماتها الرقيقه التى تلقيها بدلال
قالت عبارتها الاخيره بطريقه لم يتحملها أنهارت معها كما ټنهار أبواب السدود لتغمر الارض العطشه بالمياه وأنساه الشيطان كل ما كان يحذره منه صديقه بلال كان محقالقد وضع نفسه موضع فتنه كبيرة وهو بشرى وغير ملتزم بطريقه صحيحه فكانت النتيجه الحتميه هى التنازل واتباع الشهوات
ومر عام
ومر عام يحمل فى طياته الكثير تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تسعد الا وتكسن يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياةولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده تعلو وجهها ابتسامه ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيهوقد تكون ساخره
مارس ابطالنا حياتهم كما هى بين العمل نهارا وليلا ولقاءا يوم العطله لا يخلو من التجاوزات والمحرمات مع بعض السعاده احيانا والكآبه وتأنيب الضمير أحيانا أخرى وقرار عدم العوده ثم العوده بلا أدنى مقاومة
أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقا بل كان جبلا يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالبا ولكن يشوبه بعض الامل
وبعد ظهر أحد الايام عاد فارس الى بيته ليجد الباب مفتوحا وسمع من الخارج صوت جارتهم أم يجيى وهى تطلق الزغاريد قرع الجرس ودخل على أثره ليجد مهره فى استقباله هاتفتة بسعاده وهى تسرع إليه مقبلة عليه أنا نجحت يا فارس نجحت وجبت درجات كبيييره أوى اوى وهروح أولى أعدادى
لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عدها به فى هذه المناسبات ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول
الف مبروك يا مهره الحمد لله انها خلصت على خير
توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت
مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه
ثم قالت بتردد
هى نتيجة التعين طلعت!
أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد
متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أستيعاد روحه السابقة معها قائلا
ها يا ستى عاوزه هدية ايه
أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن
مش عاوزه حاجه أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله
طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أم فارس قائله بحرج
عن أذنك يا ست ام فارس
خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله
أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها
أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال
يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح
أم فارس مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه
أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول
معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله
دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها
لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان
أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقر أبدا والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه
يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماءلا يريد التفكير فيما
بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا
فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا
حاضر يا ماما هصالحها ان شاء الله
ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور
أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجيستير ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه
مر شهرين آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحهحتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءا
طرق الباب ودخل بعد الاسئذان نظر الى الدكتور